تعلم فن المجاملة...
كيف تكسب قوة الشخصية:
وقع بيدي كتاب لسماحة السيد هادي المدرسي يتحدث فيه عن قوة الشخصية ومقوماتها، وفن العلاقة والمجاملة مع الآخرين، وكيف تشكرهم وتكن صريحاً معهم، وماهي المعوقات لذلك، وهو كتاب غني بالمعلومات والحكم ومدعم بالاحاديث والأقوال، وهو ضمن سلسلة واسعة في هذا المجال قد صاغها سماحته ضمن برنامج التنمية البشرية، لتثري المكتبة العربية بها، ولهذا ننصح الجميع بالاطلاع على هذه السلسلة القيمة والمفيدة، لما فيها من زاد فكري ومعرفي رصين يغذي العقل والقلب، وفي هذا المجال وما نحن بصدده، إذ يقول من الضروري أن تعرف كيف تجامل الناس، إذ بدون ذلك لا تستطيع أن تكسب احترامهم، وهذا هو فن المجاملة الذي سنتعرض له في هذه الاسطر!.
استمالة الاخرين:
وعليه بدون أن تكون لك قدرة على استمالة الآخرين ومجاملتهم وشكرهم، كيف يمكن أن تكون لك شخصيّة جذّابة وقوية يهتم بها الآخرين؟.
والسؤال الذي يطرح هنا: ما هي المجاملة وما هو فنها، وكيف لي أن أكون واحد من اصحاب الشخصيات القوية والمؤثرة في هذا العالم؟.
يقول سماحته إن البعض يظن أن المجاملة تتلخّص في أن لا تكون غليظاً في التعامل مع الآخرين.
إلاّ أن ذلك هو الجانب "السلبي" منها، وهنالك جوانب "إيجابية" لابدّ من مراعاتها. مثلاً، تتضمن المجاملة المقدرة على تحويل مجرى النقاش إلى الوجهة التي تلذ لمحدّثك ومحاولة كسب قلبه، قبل فرض رأيك عليه.
المجاملة كالصداقة:
فمن الطبيعي أن تلك ليست مشكلة مستعصية في التعامل مع صديق تعرفه معرفة وثيقة، تفهمه حق الفهم. ولكن ماذا عساك أن تفعل لتتجنب إيذاء شعور شخص لا تعرف طبيعة أحاسيسه، قد تجرحه او يجرحك؟.
إن المجاملة كالصداقة من الميسور التدرب عليها متى عرفت سرّها. وشأنها شأن كل عادة أخرى، متى اكتسبت رسخت وأصبح من العسير اقتلاعها لأنها نمى عودها وتمدد في الأرض جذرها وقوى ساقها.
طرق اكتساب فن المجاملة:
وعليه نضع بين يديك تسع طرق لاكتساب فن المجاملة والتي ذكرها المؤلف في كتابه ومنها:
أولاً: ان تروي للأخرين
حاول دائماً أن تروي للآخرين ما يلذ لهم مما سمعت أو قرأت، ولا تهمل المجاملات العابرة التي تتضمن المديح المخلص الصادق.
ثانياً: الاجتهاد في تذكر الأسماء والوجوه.
اجتهد في أن تتذكر الأسماء والوجوه، والأغلب أن الذين لا يفتأون يقولون: "إنني لا أستطيع تذكر اسم هذا الشخص" هم في الواقع أكسل من أن يحاولوا اكتساب فن المجاملة. فلكل إنسان المقدرة على تثبيت الأسماء والوجوه في ذهنه، ولكن الرغبة القوية في تحقيق هذا ينبغي أن تتحقق أولاً، ثم التدرب على الباقي.
ثالثاً: تبادل الثقة
إذا وضع الناس ثقتهم فيك، فانهض بها، ولا تكشف أي سرّ ائتمنوك عليه، وحرص كل الحرص في الحفاظ عليه.
رابعاً: ضمير المخاطب
التزم ما أمكنك ضمير المخاطب في مناقشاتك، وبنمو اهتمامك بالآخرين، وكل ما يعود عليه أو يتصل به، ستجد نفسك مدفوعاً إلى الإقلال من ضمير المتكلم.
خامساً: عدم التسخير من احد
لا تسخر من الآخرين ولا تستهزئ بهم. بل، على العكس اجعل دأبك أن تشعرهم بأهميتهم.
سادساً: القول المناسب
اكتسب المقدرة على القول المناسب في الوقت المربك. والمراد بهذا أن تمحو الإحساس بالنقص من نفس الشخص الآخر وتشعره: أننا يجمعنا العيش في سفينة واحدة.
سابعاً: الطرق الصحيحة
إذا اتضح لك أنك مخطئ فسلّم بذلك، فأفضل الطرق لتصحيح خطأ ما أن تعترف به في شجاعة وصراحة.
ثامناً: استمع اكثر مما تتكلم
استمع أكثر مما تتكلم، وابتسم أكثر مما تتجهم، واضحك مع الآخرين أكثر مما تضحك منهم، وتوخَّ دائماً ألاّ تخرج عن حدود المجاملة.
تاسعاً: لا تجرح بغير ادراك
لا تنتحل قط العذر لنفسك قائلاً: "لم أكن أعرف"، فالجهل بالقانون لا يعفي من عقاب خرقه. والشيء نفسه ينطبق على المجاملة. فطبيعي أن الجاهل باللباقة يؤذي المشاعر بغير علم، وأن الشخص الأناني يجرح بغير إدراك، لكن ما جدوى الاهتمام بالمسببات ما دامت النتيجة واحدة؟!
المجاملة امر لا غنى عنه
واعلم أن المجاملة، أمر لا غنى عنه، حتى لقد اعتبرها خبراء العلاقات الإنسانية وأصحاب الأعمال في المقام الأول بين الصفات التي لابدّ منها للنجاح، وقال أحدهم: إن الموهبة شيء عظيم، ولكن المجاملة شيء أعظم.
مفتاح النجاح
فإذا أردت أن تحصل على مفتاح النجاح، فتدرّب على الطرق التسع التي أسلفناها، واعمل بها، وسوف تدهش لمدى النجاح الذي يكلل صلاتك بالناس، ولمدى السرعة التي تكسب بها الفرص.
المجاملة هي المداراة:
ولابدّ هنا من أن نذكر أن المجاملة مطلوبة دينياً وقد جاء التعبير عنها بكلمة: "المداراة" فقد روي عن رسول الله(ص) قوله: أمرني ربّي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض. وروي: مداراة الناس نصف الإيمان، والرفق بهم نصف العيش.
كما اعتبر الإمام علي(عليه السلام): المدارة ثمرة العقل. وقال إنها: عنوان العقل مداراة الناس. وقال: رأس الحكمة مداراة الناس.
وروي عن رسول الله(ص) قوله: ثلاث من لم يكنّ فيه لم يتم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله، وخُلق يداري به الناس، وحلم يرد به جهل الجاهل.
إرسال تعليق