زينة الفضائل ووصية الحكماء

المقدمة:

اليوم هو يوم التسامح العالمي، ولم نُشاهد اي موضوع كُتب على صفحات التواصل الاجتماعي بهذا الخصوص، وكأنه رفع من قاموسنا ومنهج حياتنا، لقد اشار له القران الكريم في العديد من الآيات ومنها قوله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ. وقوله: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ. وقوله: الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. وقوله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ.

احد المبادئ الإنسانية:

يعتبر التسامح أحد المبادئ الإنسانية الاساسية التي يجب ان تتحلى بها النفس الأدمية، والتسامح في دين الإسلام الحنيف يعني نسيان الماضي المؤلم وحمل الاخر على محمل العفو والصفح، والتخلي عن رغبتنا في إيذاء الآخرين لأي سبب قد حدث في الماضي وهو رغبة قوية في أن نفتح أعيننا لرؤية مزايا الناس بدلا من أن نحكم عليهم ونحاكمهم أو ندين أحد منهم. ويعني ايضا العفو عند المقدرة وعدم رد الاساءة بالاساءة والترفع عن الصغائر والسمو بالنفس البشرية الى مرتبة اخلاقية عالية.

التسامح من الأخلاق:

التسامح من الأخلاق التي ندب إليها الإسلام الحنيف، وقد جاء مدحها كثيراً في النصوص، وأكدت حسنها الكثير من مواقف النبي (ص) والأئمة. حيث جاء عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: إنّا أهل بيت مروّتنا العفو عمن ظلمنا.

أُصول الفضائل الأخلاقية:

قال بعض الحكماء في تفسير هذا الحديث: إنّ أُصول الفضائل الأخلاقية وفقاً لأُصول القوي الإِنسانية العقل والغضب والشّهوة تتلخص في ثلاثة أقسام:

اولاً: الفضائل العقلية: وتدعى بالحكمة، وتتلخص بقوله تعالى: وامر بالعرف.

ثانياً: والفضائل النّفسية في مواجهة الطغيان والشهوة، وتدعى بالعفة، وتتلخص بـ خذ العفو.

ثالثاً: والتسلط على القوة الغضبية، وتدعى بالشجاعة، وتتلخص في قوله تعالى: وأعرض عن الجاهلين. المصدر: تفسير الامثل.

أرحت نفسي من هم العداوات:

ابيات من الشعر تنسب الى العلامة الشافعي بهذا الخصوص اذ يقول:

لما عفوت ولم احقد على احد … أرحت نفسي من هم العداوات

إني أحيي عدوي عند رؤيته … أدفع الشر عني بالتحيات

وأظهر البشر للإنسان أبغضه … كما ان قد حشى قلبي محبات

الناس داءٌ ودواء الناس قربهم … وفي اعتزالهم قطع المودات

سامح فالحياة قصيرة:

_ يقول الفيلسوف تولستوي: إن عظمة الرجال تقاس بمدى استعدادهم للعفو والتسامح عن الذين أساءوا إليهم.

_ وقد سجل غاندي حكمة الخالدة عن التسامح بقوله التالي: إذا قابلت الإساءة بالإساءة فمتى تنتهي الاساءة.؟. فالحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الاخطاء التي يرتكبها غيرنا في حقنا أو في تغذية روح العداء بين الناس.

_يقول ابراهيم الفقي: إن الذات السلبية في الإنسان هي التي تغضب وتأخذ بالثأر وتعاقب بينما الطبيعة الحقيقية للإنسان هي النقاء وسماحة النفس والصفاء والتسامح مع الآخرين.

_ ويقول جواهر لال نهرو : النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح.

التسامح وصية الحكماء:

والتسامح يعني احترام ثقافة وعقيدة وقيم الاخرين وهو ركيزة اساسية لحقوق الانسان والدايمقراطية والعدل والحريات الانسانية العامة. فالتسامح والعفو موهبة الانبياء وحكمة الاولياء ووصية الحُكماء. وقد قيل التسامح جزء من العدالة. وزينة الفضائل التسامح. وأعقل الناس أعذرهم للناس.

افكار وثقافات