
وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا…
ورد في الحديث الشريف: إذا قام القائم حكم بالعدل، ارتفع في أيّامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركانها (واشرقت بنوره المبارك)، ولا يجد الرجل منكم يومئذٍ موضعاً لصدقته ولا بره؛ وهو قوله تعالى: وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.
فبدلاً، من أنّ نجلس يائسين، ذاهلين، يمزّقنا القلق والتوتر؛ ونقول: بأنّه قد انتهى عمر البشر، ولم تبق إلاّ خطوات للقبر، الذي حفره الإنسان بيديه، وسوف تنقضي الأيام السعيدة.
بدلاً من ذلك كله، يجب أن نزرع التفاؤل في نفوسنا؛ فنقول: بأنّ هذا الظهور، كما في التجارب السابقة، التي مرّت عليها البشرية، لم يتحقّق إلاّ بعد الشدائد وإنّ الفرج يكون دائماً بعد الشدة، والبرق دائماً يبرق في الظلام.
المستقبلٍ قاتمٍ رهيب:
يقول الإمام علي (عليه السّلام) حول ظهور المهدي الموعود: حتى تقوم الحرب بكم على ساق، بادياً نواجذها، مملوئةً أخلاقها، حلواً رضاعها، علقماً عاقبتها؛ إلاَ وفي غد - وسيأتي غد بما لا تعرفون - يأخذ الوالي من غيرها عمالها، على مساوي أعمالها وتُخرج الأرض له أفلاذَ كبدها, وتلقي إليه سلماً مقاليدها، فيريكم كيف عدلُ السيرة ويحيي ميت الكتاب والسنة.
الإِمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) يتحدّث في هذه الخطبة، عن مستقبلٍ قاتمٍ رهيب، يتحدّث عن الحروب الوحشيّة؛ ولكنه، يبشّر بالفجر بعد هذا الليل المظلم؛ ويقول القرآن الكريم: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون.
الفلسفة المهدوية:
أجل، إنّ هذه هي فلسفة المهدوية، ففي الوقت الذي ستحدث فيه الهزات الشديدة، والمذابح والجرائم، والمآسي الدامية؛ ولكن، رغم ذلك سيظهر الفجر، وستصل البشرية إلى الغد الذي يفيض سعادة، حيث سينتصر فيه العقل على الجهل، والتوحيد على الشرك، والعدالة على الظلم والسعادة على الشقاء، وهذه هي البشارة.
لانتظار الفرج عدة معاني:
وعليه يجب علينا ان نعمل على انتظار الفرج والذي يتطلب منا عمل ما يتوجب علينا القيام به، وليس القعود في البيت فقط وانتظار خروج الإمام المهدي المنتظر (ع) كما يتوهم البعض، ولانتظار الفرج عدة معاني وقد ذكرها السيد محمد الصدر (قدس) في موسوعته المباركة وهي كالتالي:
اولاً: الانتظار القلبي: بمعنى تهيئة النفس لقدوم الإمام المهدي وتوقع الظهور في أي وقت وبالتالي التسليم المطلق للإمام في حال ظهوره والاستعداد الكامل لتطبيق عدل الإمام على الشخص نفسه وتجهيز النفس لنصرته والجهاد بين يديه.
ثانياً: المساهمة الفعالة: أي المساهمة في إيجاد شرائط الظهور والعمل لأجل خروج الإمام بالتمهيد لذلك قدر الاستطاعة كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من الأعمال الصالحة.
ثالثاً: إصلاح الشخص نفسه: أي الالتزام الكامل بتطبيق الأحكام الشرعية في سائر العلاقات والمعاملات والعبادات.
رابعاً: الصبر على المحن والبلاء: حيث أن عصر الغيبة الكبرى يتميز بتعاظم الجور والظلم والفساد بشكل ملحوظ.

إرسال تعليق