مع يعسوب الدين...
سنأخذكم في موضوعنا هذا اليوم مع بطل من ابطال الامة الاسلامية الذي عرف بشجاعته وصلابته وقوة أيمانه وعدالته، والذي عرف ايضاً بيعسوب الدين وقائد الغر المُحجلين، فكان فارساً ضرغاماً لا يهاب العدى، وما دخل حرب الا وخرج منها منتصراً، وما دخل ميدان الا وظهر مرفوع الراس، وقد حير العقول وحارت فيه، ماذا تقول وماذا توصف، وقد كتب العديد من الكُتاب والباحثين فيه وعنه المصنفات والاشعار والاطروحات، ومنه ما كتبه جورج جرداق في كتابه الموسوم "علي صوت العدالة الانسانية"!.
اذ يقول: ومن آيات علي في اباحة حرية الفكر، وسماحهُ لمن خالفه في تصوره وتفكيره ومسلكه ومذهبه، بان يفكر وينظر ثم يكون من امره على مايبدو له، أي انه كان يأذن له بأن يفكر حراً، ويتجه حيث دله التفكير الحر والنزعة المستقلة عن أي ضغط او اكراه.
كما يصف علياً في مكان اخرى بالقول التالي: وان علياً(عليه السلام) اكثر من دفع الناس الى طلب العلم بمعناه العام وهو: المعرفة! وطلب المعرفة مربوطٌ اصلاً وطبيعةً بحرية الطالب في تفكير.
لان استيعاب المعارف يقتضي من الحرية حدوداً اوسع. فلا علم لمن لا يفكر، ولا فكر لمن لا يكون حراً.
فطلب العلم حرية الفكر متلازمان متحدان. بلا ان علياً دقق في هذا الشرط تدقيقاً اعظم حين قال: ما من حركة الا وانت محتاج فيها الى معرفة.
ويضيف قائلاً: ويذهب علي بعيداً عن معنى المساواة بين الناس في الحقوق. فيرى ان الاموال التي تحت يديه وايدي عماله "ليست له ولا لهم" وانما هي مما انتجته الجهود العامة انتاجاً مُشتركاً ليكون من حق الناس جميعاً.
وعلي اول مفكر شرقي قال قولاً صريحاً، وبصيغة لا تقبل تأويلاً، بان الاموال العامة هي اموال الشعب بكامله، فهي حق من حقوق الشعب كامله. وفي هذا الضوء ساوى علي في العطاء بين الناس.
ويذكر: في حين يقرّر عليّ أنّ المجتمع الصالح هو المجتمع الذي تسوده العدالة الاجتماعية بأوسع معانيها وأشرف أشكالها، إنّما يسن قانوناً أو ما هو من باب القانون.
ولكنّ هذا القانون لا ينجلي في ذهنه ولا يصبح ضرورة، إلاّ لأنّه انبثاقٌ طبيعيّ عما أسميناه روح العدالة الكونية الشامة، التي تفرض وجودَ هذا القانون.
لذلك نرى ابنَ أبي طالب ملحّاً شديد الإلحاح على النظر في ما وراء القوانين وعلى رعايتها بما هو أسمى منها: بالحنان الإنساني.
مجموعة من اقواله واثاره:
كما نضع بين ايديكم مجموعة من اقواله واثاره "عليه السلام" تلك الدرر الخالدة في رحاب العقل والعلم والمعرفة، والتي تصلح دستور حياة وباب لمفتاح الامور وطريق نجاة وهي:
1 ـ لا غنى كالعقل ولا فقر كالجهل، والعقل ينبوع الخير وأشرف مزيّة، وأجمل زينة.
2 ـ العقل رسول الحقّ. العقل أقوى أساس. والإنسان بعقله. وبالعقل صلاح كلّ أمر.
3 ـ العلم غطاء وساتر والعقل حسام قاطع، فاستُر خلل خُلقك بحلمك، وقاتل هواك بعقلك. والفكر مرآة صافية.
4 ـ العقل صاحب جيش الرحمن، والهوى قائد جيش الشيطان، والنفس متجاذبة بينهما فأيّهما غلب كانت في حيّزه.
5 ـ أفضل حظّ الرجل عقله، إن ذلّ أعزّه، وإن سقط رفعه، وإن ضلّ أرشده، وإن تكلّم سدّده.
6 ـ إنّ أفضل الناس عند الله من أحيا عقله وأمات شهوته وأتعب نفسه لإصلاح آخرته.
7 ـ على قدر العقل يكون الدين. ما آمن المؤمن حتى عقل. قيمة كلّ امرئ عقله.
8 ـ وعرّف العقل بما يلي:
أ ـ إنّما العقل التجنّب من الإثم والنظر في العواقب والأخذ بالحزم.
ب ـ العقل أصل العلم وداعية الفهم.
ج ــ العقل غريزة تزيد بالعلم وبالتجارب.
د ـ للقلوب خواطر سوء والعقول تزجر عنها.
هـ ـ غريزة العقل تأبى ذميم الفعل.
و ـ العاقل من يعرف خير الشرّين.
الخاتمة:
نكتفي بهذا القدر من الاقوال والاثار ونحيل القارئ اللبيب الى امهات المصادر التي ذكرته، ومنها نهج البلاغة، وموسوعة الامام علي عليه السلام، وحكم واقوال الامام علي، وغيرها الكثير. فالسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.


إرسال تعليق