شبكات التواصل الاجتماعي مالها وما عليها...
المقدمة:
قبل ايام ذهبتُ الى مكتبة اخي الصغير والتي تضم كُتب كثيرة ومتنوعة في مجالات شتى، وقع بيدي كتاب يحمل عنوان (شبكات التواصل الاجتماعي) اعداد مركز الحرب الناعمة للدراسات، اخذت الكتاب ونزلت الى باحت الدار، بدأت اطالعه على عجل اذ وقفت على هذه العبارة الخطيرة التي يقولها مسرّب وثائق ويكيليكس الشهيرة جوليان أسانج: إنّ شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت هي أضخم وأخطر جهاز تجسس واستخبارات ابتكره الإنسان، وعرفته البشرية منذ فجر التاريخ، لأن الإنسان المُستخدِم للشبكة يتبرع مجانًا بوضع المعلومات والمعطيات والصور والفيديو والتعليقات والآراء عن نفسه وعن دائرة زملائه ومحيطه الاجتماعي، وهي غالبًا ما تكون مهمة ومفيدة وموثوقة، التي اثرت في نفسي كثيراً، كيف نعطي لعدونا معلوماتنا بالمجان ونخبره عن امورنا وقضايانا ونحن غافلون عن ذلك؟.
وعليه ستكون لنا قراءة سريعة لهذا الموضوع مع ذكر شيء من
الايجابيات والسلبيات التي تخلفها وسائل التواصل الاجتماعي مع ذكر نبذة تاريخية عن
زمن بزوغ انطلاق هذه التواصل؟.
- سرقة الاضواء:
بدأت
مواقع وسائل الأعلام الاجتماعية وشبكات التواصل الاجتماعي تسرق الأضواء من شبكة
الأنترنت، فوسائل الأعلام الاجتماعية تحولت الى منبر هائل يهدف الى التفاعل مع
الأصدقاء والأقارب أو أقامه صداقات جديدة والتعرف على ناس جدد عبر الأنترنت.
ومواقع الأعلام الاجتماعي عبارة عن وسائط إلكترونية متقدمة من الناحية التقنية
تساعد على تبادل المعلومات من خلال استخدام الرسائل النصية القصيرة عبر الهاتف
المحمول أو الرسائل الإلكترونية أو الدردشة.
- ظهور مفهوم الشبكات:
يرجع
ظهور مفهوم الشبكات الإجتماعية إلى عالم الاجتماع جون بارنز Barnes. A John في العام 1954، حيث كانت تتمثل في نوادي المراسلة العالمية التي تستخدم
في ربط علاقات الأفراد في مختلف الدول باستخدام الرسائل المكتوبة، إلاَ أن ظهور
شبكة الإنترنت ساعد على انتشار هذا المفهوم بشكل واسع، من خلال التطبيقات والمواقع
الإلكترونية التي تركز على بناء شبكات اجتماعية تربط ذوي الاهتمام والنشاط
المشترك، بحيث يكون لكل مشترك حساب خاص يحتوى على ملف شخصي وسياسة حماية لحسابه،
تسمح للمستخدمين بتبادل وتشارك والمعلومات والبيانات والأفكار والرؤى.
ومن هنا اخذت
شبكات التواصل
الاجتماعي Social
Media بالظهور منذ العام 1997، لكنها لم تلق الانتشار خارج الولايات
المتحدة بعد العام 2004 وابرز هذه الشبكات موقع الفيسبوك للتطبيقات الاجتماعية
الشاملة الذي ابتكره الطالب الجامعي مارك زوكربرغ، والذي كان يهدف من وراء تصميمه
في البداية التواصل مع زملائه في الجامعة
لتبادل آرائهم وصورهم وملفاتهم ليصبح الآن من أشهر المواقع
التي يتم فيها تبادل الحوارات والصور ومقاطع الفيديو والتعليقات والمعلومات، بل
وأصبح موقع لتبادل الآراء السياسية والتعبير عنها.
بداية النهضة:
كما
شهد أواخر القرن العشرين وحتى الآن نهضة شاملة في قطاع تكنولوجيا المعلومات
والإعلام الرقمي الذي عزز من مرونة وسهولة التواصل بين مختلف الفئات والمؤسسات
وتجلى ذلك من خلال شبكات التواصل الاجتماعي عبر شبكة الانترنت التي تسمح بتبادل
المعلومات والبيانات بين مختلف القطاعات والأفراد بأسلوب فريد وتفاعلي، وقد تطورت
وازدادت آليات عمل هذه الشبكات التفاعلية مع تطور تقنيات الويب؛ حيث بدأ الجميع
يشارك في إنتاج المعرفة وأصبح جزء أصيل من مكوناتها وأصبح له دور مؤثر وفاعل في
المجتمع.
التعريفات:
تعددت
تعريفات شبكات التواصل الاجتماعي والتي اختلفت من باحث لآخر. ومنها أنها
"برنامج يستخدم لبناء مجتمعات على شبكة الإنترنت يمكن الأفراد أن يتصلوا
ببعضهم البعض للعديد من الأسباب المتنوعة"، أو "مكان يلتقى فيه الناس
لأهداف محددة وهي موجهة من طرف سياسات تتضمن عدد من القواعد والمعايير التي
يقترحها البرنامج"، أو "مواقع إلكترونية تتيح للأفراد خلق صفحة خاصة بهم
يقدمون فيها لمحة عن شخصيتهم أمام جمهور عريض أو محدد لنظام معين يوضح قائمة
لمجموعة من المستخدمين الذين يشاركون معهم في الاتصال، مع إمكانية الاطلاع على
صفحاتهم الخاصة والمعلومات المتاحة أيضاً.
وقد
عرّف أندرياس كابلان ومايكل هانلين وسائل الإعلام الاجتماعية بأنها "مجموعة من تطبيقات الإنترنت التي تبني على أسس
أيديولوجية والتكنولوجية من الويب، والتي تسمح بإنشاء وتبادل المحتوى الذي ينشئها
المستخدمون وسائل الإعلام الاجتماعية هي وسائل إعلام للتواصل
الاجتماعي كمجموعة شاملة وراء التواصل الاجتماعي. غيّرت وسائل الإعلام
الاجتماعية طريقة تواصل المنظمات.
- الى ماذا تهدف:
لا شك أن التقدم
التكنولوجى يهدف إلى تحقيق الرفاهية للبشرية وجعل الحياة أكثر سهولة، إلا أنه
في نفس الوقت يهدف إلى تحقيق الربحية والمكاسب للشركات التي تعمل في مجال التقنية
الحديثة بكافة أدواتها التي تنتجها يوماً بعد الآخر، إلا أنه على الجانب الآخر
توجد فوائد للمستفيد من هذه التقنيات وخاصة في المجال الاجتماعي..
- اهم الايجابيات
لهذه الوسائل:
1- تعدُّد مصادر المعرفة، لكى يطلع على
المعارف والمعلومات المختلفة التي يبحث عنها أو تقع في طريقه
بمحض الصدفة أثناء تصفحه، كما تتيح للعديد من الأفراد الاطلاع الدائم والمتنوع
على اهتمامات الأفراد الآخرين الذين تربطهم علاقات تفاعلية داخل الشبكة.
2- ظهور شخصيات ذات قدرات ذهنية عالية
كانت مغمورةً من قبلُ.
3- سرعة وصول الأحداث والأخبار إلى
متابعيها.
4- سهولة التأكُّد من صحة أي خبر؛ سواء
كان سياسيًّا أو اجتماعيًّا بخلاف الماضي.
5- ظهور مواهب لم تكن معروفةً من قبلُ.
6- سهولة إيصال المعلومة إلى القُرَّاء.
7- أصبح من الصعب تمرير أي حدث أو معلومة
على الجماهير.
8- كثير من دول العالم أصبحت تواجه صعوبة
في توجيه الجماهير حسب ما تراه.
9- كثير من المسَلَّمات الاجتماعية
والسياسية الخاطئة بدأت تترنَّح مع ظهور شبكة التواصل.
10- أوقفت كثير من التجاوزات الاجتماعية
والسياسية.
11- أصبح صناع القرار يَحسِبون لها ألف
حساب.
12- سهولة اقتنائها وتعلُّمها، وتكلفتها
المتواضعة زادت من انتشارها.
13- أصبح من السهل نقلُ التجارب الناجحة
والمفيدة للجماهير.
14- أصبح من السهل التعرُّف على ثقافات
الشعوب المختلفة من خلال ضغطة زِرٍّ.
15- أصبح لها دور كبير في وقف كثير من
الظلم والانتهاكات في شتى أنحاء العالم.
16- انتقلت بشعوب العالم الثالث نقلات
معرفية متميزة.
17- كان لها أثر إيجابيٌّ اقتصاديًّا على
العديد من مستخدميها.
18- نوَّعت من جوانب الترفيه والمتعة
لمستخدميها.
19- أصبح للفرد دورٌ في إحداث تغيير
إيجابيٍّ على مستوى المجتمعات والدول.
20- لها دور كبير في تغيير النظرة
السلبية للمجتمعات الإسلامية لدى شتى شعوب العالم.
21- أصبح من السهل تغيير ثقافة الشعوب
السلبية إلى الأفضل.
22- وفَّرت قواعد بيانات للباحثين في شتى
أنواع العلوم.
23- أصبح من السهل التعاون مع مجموعات
متخصِّصة في فنٍّ أو علم معين.
24- أطاحت بالصحف والقنوات التلفزيونية
التي سيطرت على الرأي العام رَدَحًا من الزمن.
الاستخدامات السلبية:
كما انها تقدم النفع للبشر في توسعة
المجالات المعرفة والثقافية وسرعة الوصول الى المعلومة وقللت العناء للباحث
والقارئ، ولكن لها بعض المساوئ والسلبيات التي اثرت على الفرد والمجتمع، ومساوئ
التكنولوجيا في المجال الاجتماعي تتمثل في استخدامها
السلبى لأدواتها ومن بين هذه الاستخدامات السلبية:
1- ساعدت شبكات التواصل على التفكُّك الأسري.
2- كان لها دور في العيش في عالَم
افتراضيٍّ غالبًا لا يمثِّل الواقع والحقيقة.
3- كثير من الشباب والفتيات أصبحوا يقضون
معظم أوقاتهم في هذا العالم الافتراضيِّ المثاليِّ؛ مما كان له الأثر السلبي على
علاقاتهم بمن حولهم، وعلى تحصيلهم العلميِّ.
4- ساعدت كثيرًا في نشر الرذيلة في أوساط
المجتمعات المحافِظة.
5- أصبحت أداةً سهلةً للتأثير على
الجماهير تأثيرًا سلبيًّا.
6- كثير مما يُعرَض فيها يحتاج إلى
تثبُّت وتروٍّ.
7- صنعتْ رموزًا تافهة للأجيال.
8- كان لها دور كبير في العزوف عن قراءة
الكتب التي تعتبر المصدرَ الصحيح لتلقِّي المعلومات.
9- نشر الأفكار المخالفة
للقانون وللقيم.
10- نشر المواد الإباحية.
11- الانفصال عن الواقع وضعف الاحساس الشعوري.
12- تدني حس المسؤولية والمصداقية الاعلامية.
- الحذر في تعاملهم مع المعلومات:
ورغم أهمية الأعلام الأجتماعي الكبرى
في عملية التواصل فأنه يحمل في جنباته تهديدات وحساسيات لافتة، فبما أن وسائل
الأعلام الأجتماعية تتعامل مع المعلومات الشخصية فأنه يتعين على مستخدمي هذه
الوسيلة أن يكونوا حذرين للغاية في تعاملهم مع معلومات ذات طابع سري. ورغم أن بعض
مواقع شبكات التواصل الجتماعي تحظى بشعبية بالغة مثل (Facebook, twitter, LinkedIn, Google, Orkut) فأن مستخدميها يواجهون أخطارا ناجمة عن عدم
الأكتراث بالحيطة والحذر لدى أستخدام الأنترنت.
- عدم إعطاء كلمة السر:
ولابد من التنويه الى ضرورة عدم أعطاء
كلمة السر password
بسهولة للآخرين حيث ان الأفراط في التشارك بالمعلومات يمكن، في الغالب أنها يؤدي
الى نتائج معكوسة. ويتعين على المستخدم أن لايكشف عن خطط السفر المستقبلية من خلال
نشرها في مواقع الأعلام الأجتماعي فلربما تدفع أولئك الذين يقرأون صفحتك من ذوي
النوايا المبيتة الى سرقة بيتك لدى غيابك!.
أخطر جهاز:
ولهذه الشبكات مهمات تجسُسيه واسعة لم يعرف التاريخ لها
مثيلاً وها هو جوليان أسانج يقول: إنّ شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت هي أضخم
وأخطر جهاز تجسس واستخبارات ابتكره الإنسان، وعرفته البشرية منذ فجر التاريخ، لأن الإنسان
المُستخدِم للشبكة يتبرع مجانًا بوضع المعلومات والمعطيات والصور والفيديو والتعليقات
والآراء عن نفسه وعن دائرة زملائه ومحيطه الاجتماعي، وهي غالبًا ما تكون مهمة ومفيدة
وموثوقة.
وقد كشف وثائق
سرية حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز ان الاجهزة الامنية الاميركية تجمع ملايين
الصور يومياً من مواقع التواصل الاجتماعي للتعرف على السمات والوجوه، حيث كشفت عن
قيام وكالة الامن القومي بجمع اعداد هائلة من الصور والمعلومات والرسائل
الاجتماعية.
هل يحولنا الانترنت الى أغبياء؟
وقد صدر مؤخراً
كتاب فرنسي للكاتب نيكول كير تحت عنوان (هل يحولنا الانترنت الى اغبياء)، وهو كتاب
يؤشر الى خطورة الشبكة الاجتماعية بمعزل عن اية نظرية لمؤامرة سياسية.
وها هي مقولة اينشتاين عالم الفيزياء
الشهير قد بدأت تتحقق عندما قال ذات مرة: اخشى من اليوم الذي ستتخطى فيه
التكنولوجيا قدرة التواصل البشري، فحينها سيكون العالم امام جيل من الاغبياء.
المصدر: شبكات التواصل الاجتماعي، ص18.
بناءً عليه تعد مقولات العالم
الفيزيائي البرت اينشتاين والكاتب الفرنسي نيكول كير والصحافي الاسترالي جوليان
اسانج بمثابة شواخص ودلائل تكشف لنا فجوة المفاهيم والاستخدامات السطحية والغامضة
لمواقع وشبكات التواصل الاجتماعي لدى الجمهور، والتوظيف والتخطيط من قبل الدوائر
السياسية والامنية والثقافية الاميركية والغربية الصهيونية. نفس المصدر السابق.
مجموعة من التوصيات:
نضع
بين ايديكم مجموعة من التوصيات التفادي بعض المشاكل والسلبيات ومنها:
أولاً: التأكيد
على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في قطاع العمل الإنساني.
ثانياً: تعظيم
الاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي في إدارة الكوارث والأزمات.
ثالثاً: الحرص
على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في نشر الأخبار الصادقة والمعلومات المعبرة.
رابعاً: التأكيد على حماية الخصوصية لمستخدمي
شبكات التواصل الاجتماعي بالتشريعات الضامنة لذلك.
خامساً: الاستفادة
من شبكات التواصل الاجتماعي في الجوانب العلمية والمهنية وعدم اقتصار النظرة لها
على انها مواقع ترفيهية.
سادساً: ايجاد
معايير موحدة تضمن تداول المعلومات وحفظ حقوق الملكية الفكرية في شبكات التواصل
الاجتماعي.
سابعاً: اعتماد
شبكات التواصل الاجتماعي كقنوات اتصال رسمية فيما بين المؤسسات والجهات الرسمية
وغير الرسمية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية.
وختاماً
نقول ان لكل شيء جانبان متناقضان أحدهما مشرق والأخر مظلم
او قل سلاح ذو حدين، فعلينا أن نكون حذرين جداً لدى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي
على نحو إيجابي وليس سلبي.


إرسال تعليق